يا ابن آدم إنما أنت أيام إذا ذهب يومك ذهب بعضك الحسن البصري
من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو خير البشر وأفضل الرسل، اصطفاه الله واجتباه، ورفع ذكره وأعلى قدره، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.ومع كل هذا الشرف العظيم والعطاء الجزيل إلا أنه صلى الله عليه وسلم كان يستغفر ربه، ويتوب إليه، ويتضرع بين يديه امتثالاً لأمر الله عز وجل في قوله : " فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا " (سورة النصر، الآية:)
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "والله إني لأستغفر الله, وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة" (رواه البخاري) .
فاذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وماتأخر يستغفر ربه يبعين مرة - فالننظر الى حالنا نحن كم نحتاج من الاستغفار.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إلى اللهِ، فإنِّي أَتُوبُ في اليَومِ إلَيْهِ مِئَةَ مَرَّةٍ ) . الراوي : الأغر المزني أبو مالك
من أهم مدارج التوبة الاستغفار - لانك تقر بذنبك - وترجو الله أن يطهرك بماء التوبة - ترشف منه رشفات تذيقك حلاوة الايمان - فتستزيد ... وتستزيد ... حتى تنفر نفسك من المعصية وحتى يصبح اللاستغفار و اليقضة التامة في كل صغيرة و كبيرة في أعمالك رفيقين دائمين.
لا بد للاستغفار أن يكون ملازما للانسان - حتى على خطراته وما تحدثه به نفسه
وقت الاستغفار
شرع الله -تعالى- للمسلم أن يستغفره، ويعود إليه في كلّ وقتٍ،
فدنوبنا كلامطار ولدلك يلزمنا الاستغفار ليل نهار.
الا أن له أوقات مميزه - تكون في ختام الأعمال الصّالحة؛ لأنّها تجبر النّقص الحاصل فيها، ومنها الاستغفار عندما ينتهي المسلم من صلات الليل - بعد القيام، وهوأفضل وقتٍ للاستغفار- وقت السّحر.
إن العبادة التي تنشأ في جوف الليل هي أشد تأثيرًا في القلب، وأبين قولا لفراغ القلب مِن مشاغل الدنيا
قال تعالى
إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا
"إن في الليل ساعة لا يوافقها مسلم يسأل خيرًا من أمر الدنيا
والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة"
الثلت الأخير من الليل :
الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ [سورة آل عمران:16-17]
في الليل تتاح لك الخلوه مع ربك - يتاح لك الانفراد به بلا زحام و الناس نيام - حيث ينزل ربنا ل جلاله الى السماء الدنيا - با سطا يده في كل ليلة فيقول:
- هل مَن يَدْعُوني،فأستجيب له؟
- هل مَن يسألني فأعطيَه؟
- هل مَن يستغفرني فأغفرَله؟»
فأنزل به حاجاتك و أستغفره انه هو الغفور الرحيم.
اسمع لقوله تبارك وتعالى :
قُلْ يَٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ سورة الزمر
والإِسراف : تجاوز الحد فى كل شئ
ومع دلك فتح - سبحانه - لعباده باب رحمته ، ونهاهم عن اليأس من مغفرته ،
1- سيِّدُ الاستغفارِ أنْ يقولَ العبدُ:
ففي صحيح البخاري، عن شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ رَضِيَ الله عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
« سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللهمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إِلَهَ إلا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي؛ فَإِنَّهُ لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا أَنْتَ. مَنْ قَالَهَا مِنْ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنْ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ».
وهذه الصّيغة هي من أكمل الصّيغ، لما فيها من اقرار بالذّنب الّذي أذنبه المسلم، وإضافته إلى نفسه.
- وانكسار و ابداء للضعف البشري وافتقار و استمطار لرحمة الله والتماس الستر من الرب سبحانه و تعالى .
- واعتراف بأن الله هو المستحقّ وحده للألوهيّة، والعبوديّة.
- واعتراف بأنّ الله هو خالق العباد، ورازقهم، والمتصرّف في الكون.
- والتّوجه الصّادق من العبد لله بأنّه راغبٌ في المغفرة، وأنّه لا أحد غير الله قادرٌ على ذلك.
- والإقرار بأنّ النّعم الحاصلة في حياة العبد جميعها من الله.
2 - من الصيغ المأثورة الجامعة :
( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ) -
وقوله تعالى ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ [نوح
--------