يوم المؤمن و ليلته

جلسة الشروق


"يا ابن آدم انما انت أيام فإذا ذهب يومك ذهب بعضك"

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
 "ابن آدم إنما أنت أيام؛ فإن ذهب يوم ذهب بعضك".
فلتا في يومنا أعمال - و لنا في ليلنا أعمال - هي رأس مالنا - بها سنلقى الله.
فكل لحظة تمر منا وعلينا  فنحن نسير إلى لقاء ربنا ؛ الآجال مقدَّرة، والأعمار مكتوبة، والساعات معلومة .
 فليس من أحد يعيش دهر الداهرين، ولن يأخذ أحد عُمراً أو عمرين من غيره، هي أيام وساعات، فكلما مضى جزء من وقتك، فأنت تسير إلى لقاء الله.
فالكيس يأثت أخرته بأعمال يومه وليلته ليكون أسعد أيامه يوم لقاء ربه

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

 (إن الله تعالى قال: مَن عادى لي وليًّا، فقد آذنتُه بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببتُه كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورِجْله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه)؛    رواه البخاري.

- هذه هي المكانه العظيمه التي يمكن لكل عبد مؤمن أن يصلها اذا حرص على النوافل وثبت عليها.

- فللمؤمن في حياته معالم تكون بها قدمه راسخة في زمن اليفضة و العبادة.

يقول العارفون بالله:

من لا ورد له لا وارد له:

 الورد هو الأعمال الصالحة التي تقربك إلى العزيز الغفار - وعلى قدر همتك تنال - فإن الوارد إنما ينشأ عن الورد بعد تصفية الباطن بصالح الأعمال التي تجلب الأنوار من حضرة الغني المفضال - ومتى تطهرت من العيب فتح على باطنك من المعارف والأسرار.


سبق لتا أن تكلمنا ضمن هده الأعمال الصالحة: 

- عن قيام الليل و هو دأب الصالحين والأولياء. 

- ثم الاستغفار في الثلت الأخير من الليل حيث لا يرد الله عز وجل في دلك الوقت الدعاء و الرجاء.

- ونتكلم اليوم عن جلسة الشروق - بعد صلاة الصبح يجلس المؤمن في جلسة - امثتالا لقوله تبارك و تعالى:

” واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ”
جلسة مباركة - 
ينافس أهل لله فيها الطير في التبكير و  الغدو و التسبيح.

عن صخر بن وداعة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( اللهم بارك لأمتي في بكورها).

هنالك أوقات للمهنة - و الأسرة - و تحصيل العلم - والشغل وبدء اليوم باكرا من أهم الوسائل كي لا تضيع الواجبات.

يحبك الله عندما تبكر - وتجتهد - وتجاهد - وعندما تغتنم الغنيمتين التي أمرك الله أن تذكره فيهما.

قال عز وجل:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)

- ما أجمل في الغدوة أن نتلو القرأن - إن قرآن الفجر كان مشهودا )

ما أجمل في الغدوة أن نصلي على رسولالله - فيصلي علينا فنعيش بحواسنا وأرواحنا الخروج من فحمة ما بقي من الليل الى اشروق الشمس - فتستشعر حلاوة الخروجمن الظلمات الى النور- روعة .

 - ما أجمل في الغدوة أن نسبح الله تعالى لأننا نسبح بأعيننا في جمال هذا الكون الذي هو من جمال الله - ونوره المنبثق من نور الله. فنسبحه تعالى لما تجلى من جلاله في كونه - و نسبحه تعالى لما تجلى من كماله في كونه . 

ونسبحه تعالى لما في تعاقب الليل و النهار من أياته - وانت تشهد تجدد تلك الأيات بكرة وأصيلا فنكون من أولي الألباب.

سبحان الله تنزيها له وتعظيما وتقديسا له سبحانه وتعالى.

 وهذا ذكر من أعظم الأذكار وأكثرها أجرا.

( سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضى نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ).

وأتت تسبح - تسبح بمخيلتك في كون الله - وخلق الله .

كم من الخلائق احياها الله بعد ما أماتها

فهدا الصبح يتنفس - أوراق -أزهار - أشجار - غابات - أنهار - بحار- جبال طيور - حشرات - دواب وأصناف و أصناف من الكائنات لا يعلم عددها ومستقرها الا الله.

ثم اصعد الى السماء - الى الكون الفسيح من نجوم - ومجرات

الكل يسبح بحمد ربه - انها ايات الله

إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ) .

و التسبيح تنزِّيه لله عن النَّقائِصِ والعُيوبِ، 

التَّسبيحِ أوَّلَ النَّهارِ بينَ الصُّبحِ وطُلوعِ الشَّمسِ، وآخِرَ النَّهارِ بينَ العَصرِ وغُروبِ الشَّمسِ حين يكون اختلاف الليل و النهار

سُبحانَ اللهِ وبِحَمدِه - سُبحانَ اللهِ وبِحَمدِه - سُبحانَ اللهِ وبِحَمدِه

عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال:

 قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن قال حينَ يُصبِحُ وحينَ يُمسي: سُبحانَ اللهِ وبِحَمدِه مئةَ مَرَّةٍ، لم يأتِ أحدٌ يومَ القيامةِ بأفضَلَ مِمَّا جاء به، إلَّا أحدٌ قال مِثلَ ما قال، أو زاد عليه  ))  .

ونستغفره : (سبح بحمد ربك واستغفره, انه كان توابا).  كما قلنا في الاستغفار - انه كدلك يكون بعد كل عمل صالح يجبرالله لك ماكان فيه من نقائص.

وابدءيومك بأدعية مسنونة تقيك من شرور ما أنت مقبل عليه في يومك.

فالأذكار التحصينية هي تلقيح - و الوقاية خير من العلاج - ومن توكل على الله فهو حسب

من أذكار التحصين :

آية الكرسى من قالها حين يصبح أجير من الجن حتى يمسى ومن قالها حين يمسى أجير من الجن حتى يصبح.

الإخلاص والمعوذتين من قالها حين يصبح وحين يمسى كفته من كل شىء 

 ثم تختم بهدا الدعاء الجميل : 

أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله وَالحَمدُ لله ، لا إلهَ إلاّ اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ، لهُ المُـلكُ ولهُ الحَمْـد، وهُوَ على كلّ شَيءٍ قدير ، رَبِّ أسْـأَلُـكَ خَـيرَ ما في هـذا اليوم وَخَـيرَ ما بَعْـدَه ، وَأَعـوذُ بِكَ مِنْ شَـرِّ ما في هـذا اليوم وَشَرِّ ما بَعْـدَه، رَبِّ أَعـوذُبِكَ مِنَ الْكَسَـلِ وَسـوءِ الْكِـبَر ، رَبِّ أَعـوذُ بِكَ مِنْ عَـذابٍ في النّـارِ وَعَـذابٍ في القَـبْر. 

اقرار بأن الله هو المألوه، هو المعبود، المقصود وهو السيد، المالك، المربي، المتصرف بهذا الخلق - أهل الكرم والجود.

وصيغ أخرى مثل :

رَضيـتُ بِاللهِ رَبَّـاً وَبِالإسْلامِ ديـناً وَبِمُحَـمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّـاً

فأنت في حرز الله - و حفظ الله - و جوار الله - و تحت رعاية الله الى أن تمسي. 

فطوبى لمن اغتنم فضل وبركة هذا الوقت، ونزع عنه لباس العجز والكسل، فبكر بالمسابقة إلى هذا الخير، مستجيبا لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

 “ مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ .