المكيال الاوفى

الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

بسم الله الرحمن

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.

"يا ابن آدم انما انت أيام فإذا ذهب يومك ذهب بعضك"

أخواني، أخواتي :

لازلنا في السلسلة المباركة : يوم المؤمن وليلتة

وقلنا أنها برنامج عملي – يعرفنا  بما يتطلبه الوقت من عمل القلب واللسان والجوارح اللليل و النهار- ويجعلنا نتحرى ونجتهد فيه حتى نلقى الله وهو راض عنا. 

 

وقلنا أن لنا في يومنا أعمال - ولنا في ليلنا أعمال - هي رأس مالنا - بها سنلقى الله.

فكل لحظة تمر منا وعلينا  فنحن نسير إلى لقاء ربنا .

·    الآجال مقدَّرة،

·    والأعمار مكتوبة،

·    والساعات معلومة .

وباختصار هذا البرنامج العملي ان التزمنا به يحقق لنا خمسة مقاصد وغايات ، وهذه المقاصد يكمل بعضها بعضا:

1.  -أن يمسك المؤمن زمام نفسه عن التسيب في الأوقات.
2.  -أن يختار المؤمن صفوة الأعمال لصفوة الأوقات،

3.  -أن يخرج المؤمن من زمن العادة إلى زمن العبادة.
4.  -أن يخرج المؤمن من ظلام الغفلة إلى نور اليقظة.
5.  -أن ينتقل المؤمن من أعمال الجوارح إلى أعمال القلب.


 وبتحقيق هذه المقاصد ينجمع المؤمن على الله، ويستحضر ربه في كل أحيانه وأحواله، ويكون مع الله ولله وبالله،  يرتقي في مدارج الإيمان والإحسان فيصير بإذن الله مستودعا لأسرار الله وأنواره.

ولا بأس من أن نذكر بالحديث القدسي الٍذي افتتحنا به هذه السلسلة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

 قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : "  إنَّ اللهَ قال: مَن عادى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضتُ عليه، وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يُبصر به، ويدَه التي يبطش بها، ورجلَه التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه، وما تردَّدتُ عن شيء أنا فاعلُه تردُّدي عن نفس المؤمن، يكره الموتَ وأنا أكره مساءتَه "

أذا هي تقرب الى الله بالنوافل كما فعلها وأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل بها الصحابة الكرام.

والنوافل ما زاد على الفرائض - وللنوافل ضوابط

جاء في وصية أبي بكر الصديق لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين استخلفه: “اعلم أن لله عملا بالنهار لا يقبله بالليل، وعملا بالليل لا يقبله بالنهار”.

وسبق لتا أن تكلمنا ضمن هٍذا البرنامج وهذه الأعمال الصالحة: 

- عن قيام الليل و هو دأب الصالحين والأولياء. 

- ثم عن الاستغفار في الثلت الأخير من الليل حيث لا يرد الله عز وجل في ذلك الوقت الدعاء و الرجاء.

- وتكلمناعن جلسة الشروق - بعد صلاة الصبح يجلس المؤمن في جلسة - امثتالا لقوله تبارك و تعالى:

” واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ”

 

ونحن ماضون نتحرى كما قلنا صفوة الأعمال لصفوة الأوقات سنتكلم اليوم على عمل من أفضل الأعمال في كل جلساتك أو طوال يومك وهو - الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

عن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ ﷺ قال:

(أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاة)  رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ.

قال عز وجل:

إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىِّ ۚ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا.

بدأ الله سبحانه بنفسه, ثم ملائكته, ثم كلف عباده المؤمنين ومن عليهم بأن أشركهم في هذا العمل الجليل وهو الصلاة على النبي, وجعل لهم بدلك حبلا ممدودا معه ومع ملائكته ومع رسولة.

فبالصلاة على رسول الله تحصل لك أرفع وأقدس معية – وهي المعية مع الله وملائكته.

فأي عمل أرقى و أرفع - وأي وسيلة أشفع وأنفع  من الصلاة على من صلى الله عليه الله جل جلاله بنفسه - وصلت عليه ملائكته - وخصه بالقربة منه في دنياه وفي أخرته.

فالصلاة على رسول الله أعظم نور - وهي التجارة التي لا تبور

بالصلاة عليه يسمو منك العمل - وتبلغ غاية الأمل - تطهر نفسك - وتبلغ مرضات ربك.

بالصلاة على النبي يستنير قلبنا و يخرجنا ربنا من الظلمات الى النور.

*        سبق لنا أن قلنا أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ذكر تنوير – وذكر التنوير يستحب أن يأتي بعد ٍذكر التطهير الذي هو - الاستغفار - فالاستغفار من أذكار التجديد و التغيير و التطهير.

تطهر قلبك  أولا بالاستغفار ثم تنوره بالصلاة على رسول الله  صلى الله عليه وسلم - ثم تعمره كما سنرى لاحقا بالكلمة الطيبه لااله الا الله.

فادا تطهر القلب وتنور أصبح مؤهلا لاستقبال الطيب من العطاء الرباني - ولا شيئ أفظل من أن يعمر القلب بالكلمة الطيبة - كلمة لااله الا الله.

الصلاة على رسول الله ٍصلى الله عليه وسلم .من أفظل الأذكار فضلا - وأجلها قدرا - وأوفاها بمقصود المريدين المحبين المتقربين.

أن الصلاة على رسول الله    صلى الله عليه وسلم تُطهر النفس من الخبث، وتُشفي القلب من كل مرض يحول بينه وبين ربه، فما زال المؤمن يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يلقى ربه بقلب سليم.

 فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (صلوا علي فإن الصلاة علي زكاة لكم ) 

وجاء في أحاديث أخرى  أننا اذا صلينا على رسوا الله صلى الله عليه وسلم - رد الله على رسوله روحه ليرد علينا صلاتنا - فنحن مع روح رسول الله و معه وبصحبته ما دمنا وما أكثرنا من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم .

فالصلاة على الحبيب المجتبى - وصلتنا الدائمة به صلى الله عليه وسلم من الذكر الرائع الجامع المانع - المقصود منها صحبته ومحبته حتي تصبح صورته ومعناه في قلوبنا بمثابة النورالذي نهتدي به الى الغاية الكبرى ذكر الله ومحبته - فالصلاة على رسول الله صلة وقرب من الله.

 وقد أمرنا أن نصلي على رسول الله ٍصلى الله عليه وسلم بصيغ مختلفة

منها الميال الأوفى

روى أبو داود والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من سره أن يكال له بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل: ”اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد”.

وهناك صيغ أخرعلى المؤمن أن يغتنمها ولا يغفل عنها فكلها وردت عن رسول الله ٍصلى الله عليه وسلم

ومنها الصلاة الإبراهيمية ولها عدة صيغ، منها: 

"اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد . اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ". رواه البخاري ومسلم.

إشارة: نضيف لفظ السيادة تأدباً مع المصطفى صلى الله عليه وسلم عند صلاتنا عليه

 

كيف نتأدب مع رسول الله ٍصلى الله عليه وسلم ونحن نصلي عليه.

   لقد كان للسلف الصالح من التعظيم والتوقير والمهابة لرسول الله ما يخرس الألسن - أنه رسول الله - فكيف نتأدب مع رسول الله ٍصلى الله عليه وسلم ونحن نصلي عليه.

 لابد من حوافز وأحوال ليثبت أصل الذكر في القلب - لابد للذكر أن يصحبه التفكر- فادا كان الذكر خيطا فلن يثبت في ثوب قلبك الا بالتفكر الذي هو ابرتة - فبالتذكر والتفكر يحصل الأثرفي القلب ثم ينعكس ذلك على الجوارح و اللسان.

 فيكون كَالشَجَرَةٍ الطَيِّبَةٍ - أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ  تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا .

لابد من أللاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم - ثم الفاتحة فهي مفتاح لكل خيروهي الشافية.

ثم وأنت تصلي على رسول الله أن تستحظر صورته صلى الله عليه وسلم - وان عز فاستحظر سيرته مع أهله وأزواجه وأصحابه - استحظرشمائله - أخلاقه رحمته .

استحظر أسماءه و أوصافه

·         نبي الرحمة , نبي التوبه , المختار، المصطفى، الشفيع، المشفع، والصادق، والمصدوق، الرحمة المهداة، الأمين، صاحب الشفاعة والمقام المحمود، إمام المتقين، سيد المرسلين، قائد الغر المحجلين، خاتم النبيين، الرسول الأعظم، المجتبى، صاحب الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة، المعصوم، الفاتح، الأمين، والنعمة، والهادي، الهاشمي، المجتبى،  

استحظر شهادة الله عز وجل فيه وكفى بالله شهيدا

·         الشاهد، والمبشر، والنذير. {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً}

·         السراج المنير.. قال تعالى: {وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً} 

·         الرؤوف رحيم.. قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} 

·         الرحمة للعالمين.. قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}  

·         الهادي.. قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} - 

·         صاحب الخلق العظيم.. قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}  

·         النور.. قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ۚ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ} 

وكما قلنا سابقا – استحظر أنك بالصلاة على رسول الله تحصل لك أرفع وأقدس معية – وهي المعية مع الله وملائكته في هدا الفعل الجليل.

  وهل للصلاة عدد نلتزم به ؟

الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم {300  مرة على الأقل يومياً }، وتخصيص ليلة الجمعة ويومها للصلاة عليه

هناك حديث يروي لنا أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:

 يا رسول الله، إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي، فقال ما شئت، قال: قلت الربع، قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف، قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثلثين، قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها، قال: إذن تكفى همك، ويغفر ذنبكقال أبو عيسىهذا حديث حسن صحيح. 

فالنكثر من الصلاةعلى رسول الله فانها نعمة عظيمة

 مِن علامات حب النبي ﷺ كثرة الصلاة عليه ﷺ، لأن من أحب شيئًا أكثر من ذكره في كثير من أحواله. يقول النبي ﷺ: “إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ القِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً” رواه البيهقي.

فأكثروا يا أحباب محمد ﷺ من الصلاة عليه فالصلاة عليه ترياق العارفين - ولذة عباد الله الصالحين - وهي نعمة عظيمة من الله عز وجل على عباده المؤمنين

جعل الله فيها الهناء والسرور-  والفرح والحبور وتيسير الأمور-  وهي سيرة مرضية تمحى بها الآثام -  وتنشرح بها الصدور-  وتكشف بها الهموم - وتنجلي بها الغموم -  وتقضى بها الحاجات -  وترفع بها الدرجات - وتكفر بها الخطيئات والزلات -  وتكثر بها الأرزاق - وهي وسيلة خير مباركة تنال بها بإذن الله تعالى شفاعة الرسول الأعظم ﷺ يوم القيامة.

فاللهم صل على سيدنا محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد.